الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان
اللَّهُمَّ افْتَحْ لِدُعَائِنَا بَابَ القَبُولِ وَالإِجَابَة، وَارْزُقْنَا صِدْقَ التَّوْبَةِ وَحُسْنَ الإِنَابَةِ، وَيَسِّرْنَا لِلْيُسْرَى وَجَنِّبْنَا العُسْرَى، وَآتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
آخر: آخر: آخر: اللَّهُمَّ أَشْرِبْ مَحَبَّتِكَ فِي قُلُوبَنَا وَوَفَّقْهَا لِلتَّفَكُّرِ فِي عَظِيم نِعَمِكَ عَلَيْنَا لِتَقْوَى وَتَزْدَادَ وَارْزُقْنَا حُبَّ أَحْبَابكَ وَبُغْضَ أَعَدَائِكَ. اللَّهُمَّ وَثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ وَلا تُزْغْهَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وَسَلَّمَ.فصل:وَعَنْ مُحَمَّدٍ بنِ سَعِيدٍ- يَعْنِي ابْنُ رُمَّانَةَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا حَضَرَهُ المَوْتُ قَالَ لِيَزِيد بنِ مُعَاوِيَةَ: قَدْ وَطَّأْتَ لَكَ البِلادَ، وَفَرشْتُ لَكَ النَّاسَ وَلَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكُم إِلا أَهْلَ الحِجَازِ فَإِنْ رَابَكَ مِنْهُمْ رَيْبٌ فَوَجِّهْ إليهمْ مُسْلِمُ بنُ عُقْبَةَ المَرِّيّ، فَإِنِّي قَدْ جَرَّبتَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَثَلاً لِطَاعَتِهِ وَنَصِيحَتِهِ، فَلَمَّا جَاءَ يَزِيدُ خِلافُ ابْنِ الزُّبَيْر وَدُعَاؤهُ إِلَى نَفْسِهِ دَعَا مُسْلِمَ بنِ عُقْبَةَ المَرِّيّ- وَقَدْ أَصَابَهُ الفَالِجُ- وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَهِدَ إليَّ فِي مَرَضِهِ: إِنْ رَابَنِي مِنْ أَهْلِ الحِجَازِ رَائِبٌ أَنْ أُوَجِّهَكَ إليهمْ، وَقَدْ رَابِنِي فَقَالَ: إِنِّي كَمَا ظَنَّ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ اعْقِدْ لِي، وَعَبِّ الجُيُوشَ، قَال: فَوَرَدَ المَدِينَةَ فَأَبَاحَهَا ثَلاثًا، ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى بَيْعَةِ يَزِيدَ، أَنَّهُمْ أَعْبَدٌ لَهُ قِنٌّ فِي طَاعَةِ اللهِ وَمَعْصِيَتِهِ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ إِلا رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ قُرَيْشٍ أُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ فَقَالَ لَهُ: بَايِعْ يَزِيدَ عَلَى أَنَّكَ عَبْدٌ فِي طَاعَةِ اللهِ وَمَعْصِيَتِهِ قَالَ: لا بَل فِي طَاعَةِ اللهِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَقَتَلَهُ، فَأَقْسَمَتْ أُمَّهُ قَسَمًا لَئِنْ أَمْكَنَهَا اللهُ مِنْ مُسْلِمٍ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَنْ تُحْرِقَهُ بِالنَّارِ، فَلَمَّا خَرَجَ مُسْلِمُ بنُ عُقْبَة مِنَ المَدِينَةِ اشْتَدَّتْ عِلَّتُهُ فَمَاتَ، فَخَرَجَتْ أُمَّ القُرَشِيّ بِأعْبُدٍ لَهَا إِلَى قَبْرِ مُسْلِم بن عُقْبَة، فَأَمَرَتْ أَنْ يُنْبَشَ مِنْ عِنْدَ رَأْسِهِ فَلَمَّا وَصَلُوا إليه إِذَا ثُعْبَانٌ قَدِ الْتَوَى عَلَى عُنُقِهِ قَابِضًا بِأَرْنَبَةِ أَنْفِهِ يَمُصُّهَا، قَالَ: فَكَاعَ القَوْمُ عَنْهُ. وَقَالُوا: يَا مَوْلاتِنَا انْصَرِفِي فَقَدْ كَفِاكِ اللهِ شَرُّهُ وَأَخْبَرُوهَا، قَالَتْ: لا أَوْ أَوْفِي للهِ بِمَا وَعَدْتُهُ، ثُمَّ قَالَتْ: انْبِشُوا مِنْ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ، فَنَبَشُوا فَإِذَا الثُّعْبَانُ لاوِيًا ذَنَبُه بِرَجْلَيْهِ، قَالَ: فَتَنَحَّتْ فَصَلَّتْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ إِنَّمَا غَضِبْتُ عَلَى مُسْلِم بنِ عُقْبَةَ اليوم لَكَ فَخَلِّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ثُمَّ تَنَاوْلَتْ عُودًا فَمَضَتْ إِلَى ذَنَبِ الثُّعْبَانِ فَانْسَلَّ مِنْ مُؤَخِّرِ رَأْسِهِ فَخَرَجَ مِنَ القَبْرِ ثُمَّ أمرَتْ بِهِ فَأُخْرِجَ مِنَ القَبْرِ فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِي.وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ فِي ثَقِيفَ كَذَّابًا وَمُبِيرًا». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيّ.وَقَالَ النَّوَوِي: اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ المُرَادَ بِالكَذَّابِ هُنَا: المُخْتَارُ بنُ أبِي عُبَيْدٍ. وَبِالمُبِيرُ: الحَجَّاجُ بنُ يُوسُفَ.وَعَنْ أَبِي نَوْفَلَ قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما عَلَى عقَبةِ المَدِينَةِ، قَالَ: فَجَعَلَتْ قُرَيْش تَمُرُّ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رضي الله عنهما فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ، السَّلامُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيْبٍ، أَمَا وَاللهِ لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنْ كُنْتَ مَا عَلمْتُ صَوَّامًا قَوَّامًا، وَصُولاً لِلرَّحِمِ، أَمَا وَاللهِ لأُمَّةٌ أَنْتَ شَرُّهَا لأُمَّةُ خَيْرٍ، ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما فَبَلَغ الحَجَّاجُ مَوْقِفُ عَبْدِ اللهِ وَقَوْلُهُ فَأَرْسَلَ إليه، فَأُنْزِلَ عَنْ جِذْعِهِ، فَأُلْقِيَ فِي قُبُورِ اليهود، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما فَأَبَتْ أَنْ تَأْتِيهِ، فَأَعَادَ عَلَيْهَا الرَّسُولُ لَتَأتِيَنِّي أَوْلا لأَبْعَثَنَّ إليك مَنْ يَسْحَبُكِ بِقُرُونِكِ، قَالَ: فَأَبْتَ، وَقَالَتْ: وَاللهِ لا آتِيكَ حَتَّى تَبْعَثُ إلى مَنْ يَسْحَبُنِي بِقُرُونِي، قَالَ: فَقَالَ: أَرُونِي سَبْتِي فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَنِي صَنَعْتُ بِعَدُوِّ اللهِ، قَالَتْ: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وَأَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ. أَنَا وَاللهِ ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ. أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ بِهِ طَعَامَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطَعَامَ أَبِي بَكْرٍ مِنَ الدَّوَابِ، وَأَمَّا الآخِرُ فَنِطَاقُ المَرْأَةِ التِي لا تَسْتَغْنِي عَنْهُ أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا: «أَنَّ فِي ثَقِيفَ كَذَّابًا وَمُبِيرًا»، فَأَمَّا الكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَمَّا المُبِيرُ فَلا إِخَالُكَ إِلا إِيَّاهُ، قَالَ فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَعَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي قَالَ: لَمَّا ظَفَرَ الحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَتَلَهُ وَمَثَّلَ بِهِ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى أُمِّ عَبْدِ اللهِ وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما، فَقَالَتْ: كَيْفَ تَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ وَقَدْ قَتَلتَ ابْنِي؟ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَكِ أَلْحَدَ فِي حَرَمِ اللهِ، فَقَتَلْتُهُ مُلْحِدًا عَاصِيًا حَتَّى أَذَاقَهُ اللهُ عَذَابًا أليمًا، وَفَعَلَ بِهِ وَفَعَلَ، فَقَالَتْ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّ المُسْلِمِينَ، وَاللهِ لَقَدْ قَتَلْتَ صَوَّامًا قَوَّامًا بَرًّا بِوَالِدَيْهِ، حَافِظًا لِهَذَا الدِّينِ، وَلَئِنْ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ لَقْدَ أَفْسَدَ عَلَيْكَ آخِرَتَكَ، وَلَقَدْ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ثَقِيفٍ كَذَّابَانِ الآخِرُ مِنْهُمَا أَشَرُّ مِنَ الأَوّلِ، وَهُوَ المُبِيرُ»، وَمَا هُوَ إِلا أَنْتَ يَا حَجَّاجُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالحَاكِمُ وَهَذَا لَفْظُهُ، وَقِيلََ: إِنَّ الحَجَّاجَ قَالَ لَهَا: صَدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَدَقْتِ أَنَا المُبِيرُ.وَعَنِ الحَسَن قَالَ: قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لأَهْلِ الكُوفَةِ: اللَّهُمَّ كَمَا أئِتَمْنُتُهم فَخَانُونِي، وَنَصَحْتُ لَهُمْ فَغَشُّونِي، فَسَلِّطْ عَلَيْهِمْ فَتَى ثَقِيف الذَّيَّالِ المَيَّالُ يَأْكُلُ خُضْرَتَهَا، وَيَلْبِسُ فَرْوَتَهَا وَيَحْكُمَ فِيهِم بِحُكْمِ الجََاهِلَيَّةِ. قَالَ الحَسَنُ: وَمَا خَلَقَ اللهُ الحَجَّاجَ يَوْمَئِذٍ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَاقِ، وَالبَيْهَقِي فِي الدَّلائِلِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. قَالَ البَيْهَقِيّ: وَلا يَقُولُ عَلِي ذَلِكَ إلا تَوْفِيقًا.وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانَ قَالَ: أَحْصُوا مَا قَتِلِ الحَجَّاجُ صَبْرًا، فَبَلَغَ مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفِ قَتِيلٍ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.وَقَالَ الأَصْمَعِيّ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم عَنْ عُبَادَةَ بنِ كَثِيرٍ عَنْ قَحْدَمٍ قَالَ: أَطْلَقَ سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِك فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ وَاحِدَا وَثَمَانِينَ أَلِفًا، مِنْهُم ثَلاثُونَ أَلْفَ امْرَأةٍ، وَعُرضَتْ السُّجُونُ بَعْدَ الحَجَّاج فَوَجَدُوا فِيهَا ثَلاثَةً وَثَلاثِينَ أَلْفًا لَمْ يَجبْ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُم قَطْعٌ وَلا صَلْبٌ. وَقَالَ الرَّيَاشِي: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ الأَزْرَقُ عَنِ السَّرِيّ بنِ يَحْيَى قَالَ: مَرَّ الحَجَّاجُ فِي يَوْمِ جُمْعَةٍ فَسَمِعَ اسْتِغَاثَةً، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: أَهْلُ السُّجُونَ يَقُولُونَ: قَتَلَنَا الحَرُّ، فَقَالَ: قُولُوا لَهُمْ: {اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} قَالَ: فَمَا عَاشَ بَعْدَهَا إِلا أَقَلَّ مِنْ جُمْعَةٍ حتَىَّ قَصَمَهُ اللهُ قَاِصُم كُلِّ جَبَّارٍ.وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: لَوْ أَنَّ الأُمَمَ تَخَابَثَتْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَخْرَجَتْ كُلُّ أُمَّةٍ خَبِيثَهَا ثُمَّ أَخْرَجْنَا الحَجَّاجَ لَغَلْبَنَاهُمْ. رَوَاهُ أَبُو نَعِيمٍ فِي الحِلْيَةِ.وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ النَّدِيَّةِ شَرْحُ الدُّرَّةِ البَهِيَّةِ: وَقَدْ أُحْصِيَ الذِينَ قَتَلَهم الحَجَّاجُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَبَلَغُوا مِائَةَ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا 120000.وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ الجَرَّاح قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي قَائِمًا بِالقِسْطِ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُ مَنْ يَثْلِمُهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّة يُقَالُ لَهُ: يَزِيدُ». رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَالبَزَّارُ.وَعَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: وُلِدَ لأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غُلامٌ فَسَمَّوْهُ الوَلِيدُ، فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «سَمَّيْتُموهُ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُم، ليَكُونُنَّ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ الوَلِيدُ لَهُوَ أَشَرَّ عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ». رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ. قَالَ الهَيْثَمِيّ: وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخر: رِجَاله ثِقَاتٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَنَا رَغَدًا، ولا تُشْمِتْ بِنَا أَحَدَا. اللَّهُمَّ رَغَبْنَا فِيمَا يَبْقَى، وزهدنا فيما يَفَنى، وهب لنا اليقين الذي لا تسكن النفوس إلا إليه، ولا يُعَوَّلُ في الدين إلا عليه. اللَّهُمَّ إنا نسألك بعزك الذي لا يرام وملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفينا ما أهمنا وما لا نهتم به وأن تعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. اللَّهُمَّ يا عليم يا حليم يا قوي يا عزيز يا ذا المن والعطا والعز والكبرياء يا مَنْ تَعْنُوا له الوجُوه وتخشع له الأصوات وفقنا لصالح الأعمال واكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك إنك على كل شيء قدير. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.موعظة:عِبَادَ اللهِ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يَقْدُرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ، وَلَمْ يَعْرِفُوهُ المَعْرِفَةُ التِي لا تَلِيقُ بِجَلاله وَعَظَمَتِهِ، وَلَوْ عَرَفُوهُ هَذِهِ المَعْرِفَةَ وَقَدَّرُوهُ مَا صَدَّقَ العَقْلُ أَنْ يَكُونُوا بِهَذِهِ الحَالِ، إِنَّ العَارِفَ بِاللهِ تَعَالَى يَخْشَاهُ، فَتَعْقِلُهُ هَذِهَ الخَشْيَةُ عَمَّا لا يَنْبَغِي مِنَ الأَفْعَالِ كَيْفَ لا وَهَذَا القُرَآنُ يَقُولُ اللهُ فِيهِ: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} العَارِفُ بِاللهِ تَعَالَى لا يَجْرُؤُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِكَلِمَةٍ مِنَ المُنْكَرَاتِ لأَنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَسْمَعُ السِّرَّ واَلنَّجْوَى، وَلا يَجْرُؤ أَنْ يَسْتَعْمِلَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ فِي عَمَلٍ لَيْسَ بِحَلالٍ، لأَنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى يَرَاهُ مَهْمَا اخْتَفَى وَاجْتَهَدَ فِي الاخْتِفَاءِ وَكَذَلِكَ لا يُقْدِمُ وَيَعْزِمْ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ مِنَ المُحَرَّمَاتِ لأَنَّهُ يُؤْمِنُ بِوَعِيدِ اللهِ عَلَى مَنِ اجْتَرَأَ وَانْتَهَكَ المَحْظُورَاتِ، العَارِفُ بِاللهِ حَقّ المَعْرِفَةَ لا يَنْطَوِي عَلَى رَذِيلَةٍ كَالكِبْرِ وَالعُجْبِ وَالحِقْدِ وَالنِّفَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الرَّذَائِلِ المَمْقُوتَاتِ لأَنَّهُ لا يُؤْمِنُ أَنَّ مَا فِي قَلْبِهِ لا يَخْفَى عَلَى مَنْ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، فَلا يَسْتَرِيحُ حَتَّى يَكُونَ بَاطِنُهُ كَظَاهِرِهِ مُطَهَّرًا عَنِ الفَوَاحِشِ، وَكَذَلِكَ لا يَتَعَامَلُ بِالرِّبَا وَيَبْتَعِدُ كُلَّ البُعْدِ عَنِ الرِّيَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ المُحَرَّمَاتِ، وَكَذَلِكَ لا تَسْمَعُ مِنْ فَمِهِ عِنْدَ نُزُولِ البَلا إِلا الحَسَنَ الجَمِيلَ فَلا يَغْضَبُ لِمَوْتِ عَزِيزٍ أَوْ فَقْدِ مَالٍ، أَوْ مَرَضٍ شَدِيدٍ لأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ غَضَبَهُ يَتَوَجَّهُ إِلَى الحَكِيمِ العَلِيمِ اللَّطِيفِ الخَبِيرِ، وَلا يَصْدُرُ مِنَ العَارِفِ بِاللهِ حَسَدٌ لِخَلْقِ اللهِ عَلَى مَا أَوْلاهُمْ مِنْ نِعْمَةٍ لأنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ قَسَّمَ النِّعَمَ بَيْنَ عِبَادِهِ وَلَيْسَ لِقِسْمَتِهِ رَادُّ، وَكَذَلِكَ العَارِفُ لا يَيْأَسْ مِنْ زَوَالِ شِدَّةٍ مَهْمَا تَعَقَّدَتْ وَاسْتَحْكَمَتْ، وَلا يَيْأَسُ مِنْ حُصُولِ خَيْرٍ مَهْمَا سَمَا وَابْتَعَدَ، لأنَّهُ يُؤْمِنُ أَنَّ الأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللهِ الذِي إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ: كُنْ فَكَانَ، العَارِفُ بِاللهِ لا يُقَنِّطَ المُؤْمِنُ العَاصِي مِنْ رَحْمَةِ اللهِ، وَلا يُؤَمِّنُ المُحْسِنَ، لَكِنَّهُ يَرْجُو لِلْمُحْسِنِ وَيَخَافُ عَلَى المُسِيءِ، العَارِفُ بِاللهِ لا يَغُشُّ مُؤْمِنًا، وَلا يُسِيءُ إِلَى الجَارِ العَارِفُ بِالله يُمُيِّزُ بَيْنَ الأَصْدِقَاءِ المُخْلِصِينَ مِنَ المُبَهْرِجِينَ المُزَيَّفِينَ لكثرة تَفرُسه فيهم قال بَعْضُهُمْ: اللَّهُمَّ أعِذْنَا بِمَعافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَبِرَضَاكَ مِنْ سَخْطِكَ واحْفَظ جَوارِحَنَا مِنْ مُخَالَفَة أمْرك، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.فصل:وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: حَجَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةَ الوَدَاعَ، ثُمَّ أَخَذَ بِحَلَقَةِ بَابِ الكَعْبَةِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟» فَقَامَ إليه سَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبِرْنَا فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِضَاعَةُ الصَّلاةِ، وَالمَيْلُ مَعَ الهَوَى، وَتَعْظِيمُ رَبِّ المَالِ»، فَقَالَ سَلْمَانُ: وَيَكُونَ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ تَكُونُ الزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَالفَيْءُ مَغْنَمًا، وَيُصَدَّقُ الكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ الخَائِنُ، وَيَخُونُ الأَمِينُ، وَيَتَكَلَّمُ الرُّوَيْبِضَةُ»، قَالُوا: وَمَا الرَّويبِضَةُ؟ قَالَ: «يَتَكَلَّمُ فِي النَّاسِ مَنْ لَمْ يَتَكَلَّمَ، وَيُنْكِرُ الْحَقَّ تِسْعَةً أَعْشَارِهِمْ، وَيَذْهَبُ الإِسْلامُ فَلا يَبْقَى إِلا اسْمُهُ، وَيَذْهَبُ الْقُرْآنُ فَلا يَبْقَى إلا رَسْمُهْ، وَتُحَلَّى الْمَصَاحِفُ بِالذَّهَبِ، وَتَتَسَمَّنُ ذُكُورُ أُمَّتِي، وَتُكُونُ الْمشُورَةُ لِلإِمَاءِ، وَيَخْطُبُ عَلَى الْمَنَابِر الصِّبْيَانُ، وَتَكُونُ الْمُخَاطَبَةُ لِلنِّسَاءِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تُزَخْرَفُ الْمَسَاجِدُ كَمَا تُزَخْرَفُ الْكَنَائِسُ وَالْبِيعُ، وَتُطَوَّرُ الْمَنابِرُ، وَتَكْثُرُ الصُّفُوفُ مَعَ قُلُوبٍ مُتَبَاغِضَةٍ، وَأَلْسُنٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَأَهْوَاءٍ جَمَّةٍ».قَالَ سَلْمَانُ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ أَذَلَّ مِنْ الأمَةِ، يَذُوبُ قَلْبُهُ فِي جَوْفِهِ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ مِمَّا يَرَى مِنْ الْمُنْكَرِ فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ، وَيَكْتَفِي الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَيُغَارُ عَلَى الْغُلْمَانِ كَمَا يُغَارُ عَلَى الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَكُونُ أَمَرَاءُ فَسَقَةٌ، وَوُزَرَاءُ فَجَرَةٌ، وَأُمَنَاءُ خَوَنَةٌ يُضِيعُونَ الصَّلاةَ، وَيَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ، فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا صَلاتِكُمْ لِوَقْتِهَا عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَجِيءُ سَبْيٌ مِنْ الْمَشْرِقِ، وَسَبْيٌ مِنْ الْمَغْرِبِ جُثُاؤُهُمْ جُثَاءَ النَّاسِ، وَقُلُوبهُم قُلُوبُ الشَّيَاطِينَ، لا يَرْحَمُونَ صَغِيرًا وَلا يُوَقِّرُونَ كَبِيرًا، عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَحُجُّ النَّاسُ إِلى هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ، تَحُجُّ مُلُوكُهُمْ لَهْوًا وَتَنَزُّهًا، وَأَغْنِيَاؤُهُمْ لِلتِّجَارَةِ، وَمَسَاكِينُهم لِلْمَسْأَلَةِ وَقُرَّاؤُهُمْ رِيَاءً وَسُمْعَةً». قَالَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَفْشُو الْكَذِبُ، وَيَظْهَرُ الْكَوْكَبُ لَهُ الذَّنْبُ، وَتُشَارِكُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ، وَتَتَقَارَبُ الأَسْوَاقُ». قَالَ: وَمَا تَقَارُبُهَا؟ قَالَ: «كَسَادُهَا، وَقِلَّةُ أَرْبَاحِهَا، عِنْدَ ذَلِكَ يَا سَلْمَانُ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا فِيهَا حَيَّاتٌ صُفْرٌ فَتَلْتَقِطُ رُؤَسَاءَ الْعُلَمَاءِ لَمَّا رَؤا الْمُنْكَرِ فَلَمْ يُغَيُّرُوهُ».قَالَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَالذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ». رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ.وَعَنْ ابنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسِ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُمَاتُ فِيهِ الصَّلاةُ، وَيُشْرَفُ فِيهِ الْبُنْيَانُ، وَيَكْثُرُ فِيهِ الْحَلَفُ وَالتَّلاعُنُ، وَيَفْشُوا فِيهِ الرُّشَا وَالزِّنَا، وَتُبَاعُ الآخِرَةُ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا رَأَيْتَ ذَلِكَ فَالنَّجَا النَّجَا. قِيلَ: وَكَيْفَ النَّجَا؟ قَالَ: كُنْ حِلْسًا مِنْ أَحْلاسِ بَيْتِكَ، وَكُفَّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ. رَوَاهُ ابنُ أَبِي الدُّنْيَا.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ سُوءُ الْجِوَارِ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ، وَأَنْ يُعَطَّلَ السَّيْفُ مِنْ الْجِهَادِ، وَأَنْ تُخْتَلَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ». رَوَاهُ ابنُ مَردَوَيْهِ وَالدَّيْلَمِيِّ.وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ الصَّلاةُ فيهِ طَويلَةٌ، والْخُطْبَةُ فِيهِ قَصِيرَةُ، وَعُلمَاؤُه كَثيرٌ، وَخُطَبَاؤُه قَليلٌ، وَسَيَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمانٌ الصَّلاةُ فيهِ قصيرةٌ والْخُطبةُ فيهِ طويلةٌ، خُطَبَاؤُهُ كَثِيرٌ، وَعُلَمَاؤُهُ قَلِيلٌ، يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ، صَلاةُ الْعَشِيّ إِلى شَرْقِ الْمَوْتَى، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّ الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا وَلِيَجْعَلْهَا مَعَهُمْ تَطَوُّعًا. رَوَاهُ الطَّبَرَانِي قَالَ الْهَيْثَمِيّ: وَرِجَاله رِجَالُ الصَّحِيحِ. وَرَوَى الإِمَامُ مَالِكْ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يَحْيَى بن سَعِيدٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بن مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالِ لإِنْسانٍ: إِنَّكَ فِي زَمَانٍ كَثِيرٌ فُقَهَاؤُهُ قَلِيلٌ قَُرَّاؤُهُ، تُحْفَظُ فِيهِ حُدُودُ الْقُرْآنِ، وَتُضَيَّعُ حُرُوفُهُ، قَلِيلٌ مَنْ يَسْأَلُ، كَثِيرٌ مَنْ يُعْطَى، يُطِيلُونَ فِيهِ الصَّلاةُ، وَيُقَصِّرُونَ الْخُطْبَةَ، يُبْدُونَ أَعْمَالَهُمْ قَبْلَ أَهْوَائِهِمْ.وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ قَلِيلٌ فُقَهَاؤُهُ، كَثِيرٌ قُرَّاؤُهُ، تُحْفَظُ فِيهِ حُرُوفُ الْقُرْآنِ، وَتَضْيَّعُ حُدُودُه كَثِيرٌ مَنْ يَسْأَلُ قَلِيلٌ مَنْ يُعْطَى يُطِيلُونَ فِيهِ الْخُطْبَةَ، وَيُقْصِّرُونَ الصَّلاةَ، يُبْدُونَ فِيهِ أَهْوَاءهُم، قَبْلَ أَعْمَالِهِم.قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أُمُورٌ وَقَعَتْ فِي زَمَنِِنَا، مِنْهَا قِلَّةُ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى الْكَلِمَةِ، أَمَّا الْمُتَسمُونَ فَمَوْجُودُونَ بدُونِ مَعْنَى، وَمِنْهَا مَا وُجِدَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُجِيدِينَ لِلْقرَاءَةِ، الْمُضِيِّعِينَ لِلْعَمَلِ، تَسْمَعُهُ مِنْهُمْ غَضًّا طَرِيًّا بِتَجْوِيدٍ وَفَصَاحَةٍ، وَمِنْهَا إِطَالَةُ الْخُطْبَةِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ زَمَنِنَا وَتَقْصِيرِ الصَّلاةِ، وَهَذا خِلافُ السُّنَّةِ، وَمِنْهَا كَثْرَةُ سُؤَالِهِمْ، وَقِلَّةُ إِعْطَائِهِمْ، فَهَؤُلاءِ طَرِيقَتُهُمْ ضِدُّ طَرِيقَةِ السَّلَفِ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الانْتِكَاسِ، وَعَنْ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ اعْمَلُوا بِهِ، فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ، وَوَافَقَ عِلْمَه عَمَلُه، وَسَيَكُونُ أَقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهمْ، يُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُم، وَتُخَالِفُ سَرِيرَتُهم عَلانِيَّتَهُمْ يَجْلِسُونَ حِلَقًا فَيُبَاهِي بَعْضُهُم بَعْضًا، حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لِيَغْضَب عَلَى جَلِيسِه أَنْ يَجْلِسَ إِلى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ أُولَئِكَ لا تَصْعَدُ أَعْمَالَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلى اللهِ. رَوَاهُ الدَّارِمِي.قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا الأَثَرُ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ لأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ غَيْبِيّ فَلا يُقَالُ إِلا عَنْ تَوْقِيفٍ.وَعَنْ أبِي الزَّاهِرِيَّةِ- وَاسْمُهُ حُدَيْرُ بنُ كُرَيْبٍ- يَرْفَعُ الْحَدِيثَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالى قَالَ: أَبُثُّ الْعِلْمَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَتَّى يَعْلَمَهُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ، وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ، وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ بِهِمْ، أَخَذْتُهُم بِحَقي عَلَيْهِمْ». رَوَاهُ الدَّارِمِيّ وَأَبُو نَعِيمٍ فِي الْحِلْيَةِ قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَة وَقَعَتْ طِبْقَ مَا ذكر.وَعَنْ عَمْرو بن تَغْلِبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَكْثُرَ التُّجَّارُ، وَيَظْهَرَ الْقَلَمُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَدِهِ. اللَّهُمَّ اعْتِقْنَا مِنْ رِِقِّ الذُّنُوبْ وَخَلِّصْنَا مِنْ شَرِّ النُّفُوس، وَأَذْهِبْ عَنَّا وَحْشَةَ الإِسَاءَةْ، وَطَهِّرْنَا مِنْ دَنَسِ الذُّنُوبِ، وَبَاعِدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْخَطَايَا وَأَجِرْنَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم.اللَّهُمَّ رَضِّنَا بِقَضَائِكَ وَأَعِنَّا عَلَى الدُّنْيَا بِالْعِفَّةِ وَالزُّهْدِ وَالْقَنَاعَةِ وَعَلَى الدِّينِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَطَهِّرْ أَلْسِنَتَنَا مِنْ الْكِذْبِ وَقُلُوبَنَا مِنْ النِّفَاقِ وَأَعْمَالِنَا مِنْ الرِّيَاءِ وَاحْفَظْ أَبْصَارَنَا مِنْ الْخِيَانَةِ فَإِنَّكَ تَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيَنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورِ.اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أَنْفُسِنَا وَالشَّيْطَانِ وَالدُّنْيَا وَالْهَوَى وَنَسْأَلُكَ أَنْ تَغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَم الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِين.مَوْعِظَةٌ:قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً}، وَقَالَ: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} عِبَادَ اللهِ يَعِيشُ ابن آدَمَ مَا قَدّرَ اللهُ لَهُ أَنْ يَعِيشَ وَيَمْشِي الإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ وَيَتَقَلَّبُ فِيهَا وَيَرَى حُلْوَهَا وَمُرَّهَا وَسُرُورَهَا وَأَحْزَانِهَا، وَيَأْخُذُ فِيهَا حَظَّهُ مِنْ الشَّقَاءِ وَحَظَّهُ مِنْ السَّعَادَةِ، بِمِقْدَارِ مَا قَدَّرَهُ اللهُ لَهُ وَمَا قَدَّرَهُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لِكُلِّ هَذَا نِهَايَةٌ وَلِكُلِّ ذَلِكَ غَايَةٌ قَالَ اللهُ جَلَّ وَعَلا: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} فَسِبِيلُ الْمَوْتِ غَايَةُ كُلِّ حَيّ، وَالْخُلُودُ فِي دَارِ الْفَنَاءِ غَيْرُ مَعْقُولٍ، أَيُّهَا الْمُسْلِمُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ.قال بعضهم في ابن له مَات: آخر: آخر: آخر: آخر: آخر: فَالْبَقَاءُ فِي الدُّنْيَا مُحَالٌ، هَذِهِ الدُّنْيَا جَسْرٌ، هَذِهِ الدُّنْيَا مَمَرٌ وَمَعْبَرٌ وَطَرِيقٌ إِلى الآخِرَةِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَخَبَّطُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَ وَيَتَعَثرُ فِيهَا وَلا يَهْتَدِي، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُوَفِّقُهُ اللهُ فَيَسْلُكُهَا مُسْتَقِيمًا لا يَلْوي عَلَى شَيْءٍ إِلا عَلَى زَادِ الآخِرَةِ، وَأَمَلٍ يَهْدِفُ إليه، فِي تِلْكَ الدَّارِ الْبَاقِيَةِ، ذَلِكَ الْهَدَفُ هُوَ رِضَى رَبِّ الْعِزَّةِ وَالْجَلالِ، الذِي فِيهِ كُلُّ نَعِيمٍ الذِي فِيهِ الْهُدُوءِ وَالاطْمَئُنَانُ وَالذِي فِيهِ الْفَوْزَ وَالنَّجَاةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، تِلْكَ حَال مَنْ اتَّعَظَ وَاعْتَبَرَ فَنَفَعْتُه الْعِبْرَةُ وَلَمِسَ الْمَوعِظَةُ مِنْ دُرُوسٍ الْحَيَاةِ وَأَحْدَاثها فَاهْتَدَى، وَزَادَهُ اللهُ هُدى، تِلْكَ حَالٌ مَنْ اعْتَبَرُوا فنَفَعْتُهُم الْعِبْرَة، وَجَعَلُوا التَّقْوَى إِلى اللهِ أَمَامَهُمْ لا يَحِيدُونَ عَنْهَا، يَخَافُون رَبَّهُمْ وَيَخْشَوْنَ سُوء الْحِسَابِ: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}.أَيُّهَا الْمُسْلِمُ لَقَدْ خَرَجْت مِنْ ظُلمَاتٍ، وَسَتَنْتَهِي إِلى ظُلُمَاتٍ خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَاتِ الأَرْحَامِ، وَتَنْتَظِرُكَ ظُلُمَاتُ الْقُبُورِ، خَرَجَتْ مِنْ أَحْشَاءِ أُمِّكَ، وَاسْتَقْبَلَكَ أَحْشَاءٌ أُخْرَى أَقْوَى وَأَعْظَمُ، قَالَ تَعَالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} دَفَعكَ جَوْفٌ يَحِنُّ عَلَيْكَ إِلى جَوْفِ الأَرْضِ، وَبَيْنَ الْجَوْفَيْنِ أُمُورٌ وَأُمُورٌ فَفِي الدُّنْيَا السَّرَّاءُ وَالضَّرَّاءُ وَالسَّعَادَةُ وَالشَّقَاءُ إِنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ شِدَّةٍ إِلى رَخَاءٍ، وَمِنْ رَخَاءٍ إِلى بَلاءٍ، وَتُصَادِفُكَ عَقَبَاتٌ فِي طَرِيقِكَ بَعْدَ عَقَبَاتٍ، وَتَتَغَيَّرُ أَحْوَالُكَ مِنْ حَالاتٍ إِلى حَالاتٍ، فَمِنْ ذُلٍّ إِلى عِزٍّ، وَمِنْ عِزٍّ إِلى ذُلٍّ، وَمِنْ غِنًى إِلَى فَقْرٍ، وَمِنْ فَقْرٍ إِلى يُسْرٍ، وَمِنْ صِحَّةٍ إِلى مَرَضٍ، وَمِنْ مَرَضٍ إِلى عَافِيَةٍ، وَمِنْ رَاحَةً إِلى تَعَبٍ. هَذِهِ هِيَ الدُّنْيَا وَهَذِهِ هِيَ أَحْوَالُهَا عِزُّهَا لا يَدُومُ، وَرَخَاؤُهَا لا يَبْقَى، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فَحَاسِبْ نَفْسَكَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبَ، وَزِنْ أَعْمَالَكَ قَبْلَ أَنْ تُوزَنَ عَلَيْكَ، وَرَاقِبْ مَوْلاكَ الذِي لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ، وَتُبْ إليه تَوْبَةٍ نَصُوحًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى}. آخر: آخر: آخر: آخر: اللَّهُمَّ يَا مَنْ فَتَحَ بَابَهُ لِلْطَالِبينَ، وَأَظْهَرَ غِنَاهُ لِلَّرَاغِبِينَ نَسْأَلُكَ أَنْ تَسْلُكَ بِنَا سَبِيلَ عِبَادِكَ الصَّادِقِينَ، وَأَنْ تَلْحِقَنَا بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ أَحْي قُلوبًا أَمَاتَهَا البُعْدُ عَنْ بَابِكَ، وَلا تُعَذِّبْهَا بِأليمِ عِقَابِكَ، يَا كَرِيمُ يَا مَنَّانُ، يَا مَنْ جَادَ عَلَى عِبَادِهِ بِالأنْعَامِ وَالأَفْضَالِ، اللَّهُمَّ أَيْقِظْنَا مِنْ غَفْلَتِنَا بِلُطْفِكَ وَإِحْسَانِكَ وَتَجَاوَزْ عَنْ جَرَائِمنا بِعَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ، وَارْزُقْنَا مَا رَزَقَتْ أَوْلِيَاءَكَ مِنْ نَعِيمِ قُرْبِكَ وَلَذَّةِ مُنَاجَاتِكَ وَصِدْقِ حُبِّكَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.فصل:وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ في آخرِ الزَّمَانِ رِجَالٌ يَخْتِلُونَ الدَّنْيَا بِالدِّين يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ جُلودَ الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ السُّكَر، وَقُلُوبِهم قلُوبُ الذِّئَابَ، يَقُولُ اللهُ: أَبِي تَغْتَرُّوَن أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ، فَبِي حَلَفْتُ لأَبْعَثَنَّ عَلَى أُولَئِكَ مِنْهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الحَلِيم مِنْهُمْ حَيْرَانَ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يُبَالِي المَرْءُ بِمَا أَخَذَ المَالَ، أَمِنْ حَلالٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيّ، وَالدَّارِمِيّ.وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالذِي بَعَثَنِي بِالحَقِّ لَتَكُونَنَّ بَعْدِي فَتْرَةٌ فِي أُمَّتِي يُبْتَغَى فِيهَا المَالُ مِنْ غَيْرِ حِلّهِ، وَتُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ وَيُسْتَبْدَلُ فِيهَا الشِّعْرُ بِالقُرْآنِ». رَوَاهُ الدَّيْلَمِي.وَعَنْ الحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلا أَكَلَ الرِّبَا، فَمَنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصَابَهُ مِنْ غُبَارِهِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنّسَائِي، وَابْنُ مَاجَة.وَعَنْ مُعَاذِ بن أنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا تَزَالُ الأُمَّةُ عَلَى الشَّرِيعَةِ مَا لَمْ تَظْهَرَ فِيهِم ثَلاثٌ: مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْهُمْ العِلْمَ، وَيَكْثُرَ فِيهِمْ وَلَدُ الحَنْثِ، وَيَظْهَرُ فِيهم الصَّقَّارُونَ»، قَالُوا: وَمَا الصَّقَّارُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَشْءٌ يَكُونُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، تَكُونُ تَحِيَّتُهم بَيْنَهُم التَّلاعُنُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِي.وَعَنْ مُعَاذٍ بِنْ جَبَلَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ إِخْوَانُ العَلانِيَةِ، أَعْدَاءُ السَّرِيرَةِ»، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ بِرَغْبَةِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَرَهْبَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ». رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالبَزَّارُ، وَالطَّبَرَانِي، وَأَبُو نُعَيمُ فِي الحِلْيَةِ.وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فِرْقَةٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يَقْتُلَهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالحَقِّ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ.وَعَنْ طَارِقِ بِنْ زِيَادٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى الخَوَارِجِ فَقَتَلَهُم ثُمَّ قَالَ: انْظُرُوا فَإِنَّ نَبِيّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّهُ سَيَخْرُجُ قَوْمٌ يَتَكَلَّمُونَ بِالحَقِّ لا يُجَاوِزُ حُلوقَهم يَخْرُجُون مِنَ الحَقِّ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، سِيمَاهُمْ إِنَّ مِنْهُم رَجُلاً أَسْوَدَ مُخَدَّجَ الْيَدِ، فِي يَدِهِ شَعْرَاتٌ سُودٌ، إِنْ كَانَ هُوَ فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَقَدْ قَتَلْتُمْ خَيْرَ النَّاسِ» فَبَكَيْنَا. ثُمَّ قَالَ: اطْلُبُوا، فَطَلَبْنَا فَوَجَدْنَا المُخَدَّجَ، فَخَرَرْنَا سُجُودًا، وَخَرَّ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَعَنَا سَاجِدًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيّ.وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حِينَ فَرِغَ مِنَ الحَرُورِيَّةِ: إِنَّ فِيهِمْ رَجُلاً مُخَدَّجَ الْيَدِ، لَيْسَ عَلَى عَضُدِهِ عَظْمٌ، فِي عَضُدِهِ حَلَمَةٌ كَحَلَمَةِ الثَّدْيِ، عَلَيَْها شَعَرَاتٌ طِوَالٌ عُقْفٌ، فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ، قَالَ: وَأَنَا فِيمَنْ يَلْتَمِسُ، فَمَا رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَزِعَ قَطٌّ أَشَدَّ مِنْ جَزَعِهِ يَوْمَئِذٍ، قاَلُوا: مَا نَجِدُهُ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. قَالَ: مَا اسْمُ هَذَا المَكَانَ؟ قَالُوا: النَّهْرَوَانِ. قَالَ: كَذَبْتُمْ إِنَّهُ لَفِيهمْ فَالْتَمِسُوهُ. قَالُوا: فَثَّوَّرْنَا القَتْلَى فَلَمْ نَجِدْهُ، فَعُدْنَا إليه، فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ مَا نَجِدُهُ، قَالَ: مَا اسْمُ هَذَا المَكَان؟ قُلْنَا: النَّهْرَوَان. قَالَ:صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَكَذَبْتُمْ، إِنَّهُ لَفِيهمْ فَالْتَمِسُوهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ فِي سَاقِيَةٍ، فَجِئْنَا بِهِ فَنَظْرَتُ إِلَى عَضُدِهِ لَيْسَ فِيهَا عَظمٌ، وَعَليْها كَحَلَمَةِِ ثَدْي المَرْأَةِ، عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ طِوَالٌ عُقْفٌ. رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بن ِالإِمَامِ أَحْمَدُ في كِتَابِ السُّنَّةِ.وَعَنْ أَنْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَقَارَبَ الزَّمَانُ فَتَكُونُ السَّنَةُ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالْجُمُعَةِ وَتَكُونُ الْجُمُعَةُ كَاليوم وَيَكُونُ اليوم كَالسَّاعَةِ وَتَكُونُ السَّاعَةُ كَالضَّرَمَةِ بِالنَّارِ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ»، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ يتكلم فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ». وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يَزْدَادُ الأمْرُ إِلا شِدَّةً، وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا، وَلا النَّاسُ إِلا شُحًا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ، وَلا المَهِْدي إِلا عِيسَى بنُ مَرْيَمَ». رَوَى الحَدِيثَيْنِ ابْنُ مَاجَة.وَعَنْ سَالِمْ بنِ أَبِي الجَعْدِ عَنْ زِيَادِ بنِ لُبَيْدٍ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَقَالَ: «ذَاكَ عِنْدَ أَوَانِ ذَهَابِ العِلْمِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَذْهَبُ العِلْمُ وَنَحْنُ نَقْرَأُ القُرْآنَ، وَنُقْرِؤُهُ أَبْنَاءَنَا، وَيُقْرِؤُهُ أَبْنَاؤُنَا أَبْنَاءَهُم إِلَى يِوْمِ القَيِامَةِ؟ قَالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ، إِنْ كُنْتُ لأَرَاكَ مِنْ أَفْقَهِ رَجُلٍ بِالمَدِينَةِ، أَوَ لَيْسَ هَذِهِ اليهود وَالنَّصَارَى يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ لا يَعْمَلُونَ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا؟». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَة.وَعَنْ سَلامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَتَدَافَعَ أَهْلُ المَسْجِدِ فَلا يَجِدُونَ إِمَامًا يُصلى بِهِمْ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ. قُلْتُ: وَهَذَا الحَدِيثُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ النُّّّبُوَّةِ وَصِدْقِ الرِّسَالَةِ.وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَكُونَ المُؤْمِنُ فِيهم أَذَلَّ مِنَ الأَمَةِ، يَذُوبُ قَلْبُهُ فِي جَوْفِهِ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي المَاءِ مِمَّا يَرَى مِنَ المُنْكَرِ فَلا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُغَيِّرَهُ. رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوِيه. وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.فصل:وَعَنْ جَابِرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَخْفِي المُؤْمِنُ فِيهِم كَمَا يَسْتَخْفِي المُنَافِقُ فِيكُم». رَوَاهُ ابْنُ السُّنِّي. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلِ بِالمَسْجِدِ فَلا يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.وَعَنْ حُذَيْفَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «يَأْتِي دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ»، وَوَصَفَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ: «مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا»، قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ»، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ»، قَالَ: «اعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يَأتِيْكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ». رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَمُسْلِمٌ. وَعَنِ الضَّحَاكِ أَنَّهُ قَالَ: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تَكْثُرُ فِيهِ الأَحَادِيثُ حَتَّى يَبْقَى المُصْحَفُ عَلَيْهِ الغُبَارُ لا يَلْتَفَتُ إليه. قُلْتُ: وَهَذِهِ مُعْجِزَةٌ وَقَعَتْ فَإِنَّ المُصْحَفَ مَهْجُور، وَالإِقْبَالُ عَلَى المَلاهِي وَالمُنْكَراتِ وَالجَرَائِدِ وَالمَجَلات فَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ العَلِيّ العَظِيم وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الوَكِيلِ.فَصْلٌ:وَعَنْ وَابِصَةَ الأَسَدِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ قَالَ: مَتَى تَكُونُ أَيَّامُ الهَرَجِ؟ قَالَ: حِينَ لا يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ. قَالَ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: اكْفُفْ نَفْسَكَ وَيَدَكَ، وادْخُلْ دَارَكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.وَفِي المُسْنَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الإسلام سُفَهَاءُ الأَحْلامِ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ،- أَوء قَالَ- أَحْدَاثٌ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ بِأَلْسِنَتِهِمْ لا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الإِسْلامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، فَمَنْ أَدْرَكَهُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ». قُلْتُ: هَذَا الحَدِيثُ وَالذِي قَبْلَهُ فِيهِمَا عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ النُّبُوَّةِ.وَعَنْ حُذَيْفَةَ بنِ إليمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ الحَلِفُ بِغَيْرِ اللهِ، وَالشَّهَادَةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَكَثْرَةُ الطَّلاقِ، وَمَوْتُ الفُجْأَةِ». أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيمٌ فِي الحِلْيَةِ، قُلْتُ: وَهَذَا الحَدِيثُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ النُّبُوَّةِ، وَصِدْقِ الرِّسَالَةِ، فَإِنَّ كُلَّ فَقْرَةٍ مِنْ فَقَرَاتِهِ قَدْ تَحَقَّقَتْ فِي العَصْرِ الحَاضِرِ، فَتَأَمَّلْهُ بِدِقَّةٍ.فَإِنَّ الحَلِفَ بِغَيْرِ اللهِ قَدْ كَثُرَ جِدًا، وَكَذِلَكَ الشَّهَادَةُ يَبْذُلُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِدُونِ طَلَب، وَكَذَلِكَ كَثْرَةُ الطَّلاقُ وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ إِيمَانِ هَؤُلاءِ، وَأَمَّا مَوْتُ الفَجْأَةُ فَكَثِيرٌ، فَمِنْهُ السَّكْتَةُ القَلْبِيَّةِ، وَالجَلْطَةُ الدَّمَوِيَّةُ، وَمَا يَنْشَأُ عَنْ انْقِلابِ السَّيَارَاتِ وَتَصَادُمِهَا، وَسُقُوطُ الطَّائِرَةِ وَالانْفَجَارَاتِ، فَكُلُّهَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا مَوْتُ الفُجْأَةِ. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ لا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى، وَكُلُّ الأَحَادِيثَ التِي تَقَدَّمَتْ وَالتِي تَأْتِي تَأَمَّلْهَا وَطَبِّقْهَا، وَلا حَاجَةِ إِلَى شَرْحِهَا لأَنَّهُ شَيْءٌ وَاضِحٌ وَاقِعٌ، وَلَكِنَّ النَّاسَ فِي غَفْلَةٍ عَنْهَا مُعْرِضُوَن، وَمُنْهَمِكُونَ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَجَمْعِهَا وَالتَّكَاثُرِ فِيهَا، وَالاشْتِغَالُ بِمَا يلهي ويصد عن ذكر الله فَتَأَمَّلْ.وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاِس زَمَانٌ لا يَسْلَمُ لِذِي دِينٍ دِينَهُ إِلا مَنْ هَرَبَ بِدِينِهِ مِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ، وَمِنْ جُحْرٍ إِلَى جُحْرٍ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تُنَلْ المَعِيشَةُ إِلا بِسَخَطِ اللهِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ- كَانَ هَلاكُ الرَّجُلِ عَلَى يَدَيْ أَبَوَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبَوَانِ كَانَ هَلاكُهُ عَلَى يَدَيْ قَرَابَتِهِ أَوْ الجِيرَانِ»، قَالُوا: كَيْفَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «يُعَيِّرُونَهُ بِضِيقِ المَعِيشَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُورْدُ نَفْسَهُ المَوَارِدَ التِي يُهْلِكُ فِيهَا نَفْسَهُ». رَوَاهُ البَيْهَقِيّ كَمَا فِي كِتَابِ الزُّهْدَ [ج3، ص444] مِنْ كِتَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ.وَعَنْ حُذَيْفَةِ بنِ إليمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ بَيْعُ الحُكْمِ، وَكَثْرَةُ الشُّرَطِ». أَخْرَجُهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الحِلْيَةِ. قُلْتَ: هَذَا الحَدِيث وَالذِي قَبْلَهُ فِيهِمَا أَعْلامٌ مِنْ أَعْلامِ النُّبُوَةِ فَتَأَمَّلْ.وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ ظُهُورُ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَكِتْمَانِ الحَقّ». رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالبُخَارِيّ. قُلْتُ: هَذَا حَدِيثٌ فِيهِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ النُّبُوَّةِ. آخر: وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وآله وصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
|